• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سبعون أدبا في الصحبة والسفر والعلم (PDF)
    د. عدنان بن سليمان الجابري
  •  
    شرح كتاب: فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ...
    عيسى بن سالم بن سدحان العازمي
  •  
    كفى بالموت واعظا
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام المخابز (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الأساس في أصول الفقه (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأربعون حديثا في تحريم وخطر الربا (PDF)
    طاهر بن نجم الدين بن نصر المحسي
  •  
    الله (اسم الله الأعظم)
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    تربية الحيوانات (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل ماجستير
علامة باركود

الوقف عند ابن جني "دراسة صوتية دلالية"

د. محمد أحمد محمد أحمد

نوع الدراسة: Masters resume
البلد: مصر
الجامعة: جامعة عين شمس
الكلية: كلية التربية
التخصص: اللغة العربية والدراسات
المشرف: أ.د. أحمد محمد عبدالعزيز كشك
العام: 1430 هـ - 2009 م

تاريخ الإضافة: 17/7/2021 ميلادي - 7/12/1442 هجري

الزيارات: 11229

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

الوقف عند ابن جني

"دراسة صوتية دلالية"

 

سعَتْ هذه الدراسة إلى تحقيق بعض الأهداف، منها: دراسة ظاهرة الوقف بكل ما يتصل بها من مسائلَ صوتية ودلالية كما جاءت في ثنايا مصنَّفات ابن جني، كما حاوَلَت التعرف على موقف ابن جني من كثير من القضايا الشائكة في تراثنا؛ مثل: القراءات الشاذة، التأصيل التاريخي للهجات العربية القديمة، الضرورة الشعرية، الإعراب، وذلك من خلال معالجته لمسائل الوقف.

 

وكذا سعت إلى الربط بين الدراسات اللغوية القديمة، ومناهج البحث اللغوي الحديث، من خلال استخدام هذه المناهج في دراسة آراء ابن جني.

 

وحاولت هذه الدراسة أن تتعرف على موقف ابن جني من القضايا التي تعلَّقت بالوقف، وقد كانت هذه القضايا ذات شقين؛ أولهما: من الناحية الصوتية، وقد رصد البحث أهم التغيرات الصوتية التي تطرأ على الصوت حال الوقف مبيِّنًا موقف ابن جني منها. والآخر: من الناحية الدلالية؛ إذ إن الوقف يمثِّل أحد القرائن السياقية التي يتحدد من خلالها شكل التركيب، ومن ثم دلالته، وبتغير موضعه يتغيران، واعتنت الدراسة في هذا الشق ببيان جهود ابن جني في تحديد مواضع الوقف للقراءات الشاذة في "المحتسب"، وأثر ذلك في الدلالة.

 

وتضمنت هذه الدراسة مقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة، وقائمة بالمصادر والمراجع.

 

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.

 

فلا شك في أن ثمة علاقات قوية تربط بين علمي النحو[1] والقراءات القرآنية؛ إذ لا يجوز لنحوي أن يترك الاعتناء بالقراءات التي هي بالنسبة له مصدر الاحتجاج الأول؛ "فكل ما ورد أنه قرئ به، جاز الاحتجاج به في العربية، سواء كان متواترًا أم آحادًا أم شاذًّا"[2]، وكذا القارئ ينبغى "أن يحصِّل جانبًا من النحو والصرف، بحيث إنه يوجِّه ما وقع له من قراءات"[3].

 

وقد أدَّت هذه العلاقة إلى التقاء العِلمينِ في دراسة العديد من الظواهر؛ مثل القلب، والإمالة، والإدغام، والوقف، وقد كان هذا الأخير أوفرها حظًّا من العناية عند كلا الفريقين؛ إذ كان شرطًا فيمن يتعرض له أن يكون ملمًّا بالعِلمين معًا، وقد نُقل ذلك عن ابن مجاهد إذ يقول: "لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحويٌّ عالم بالقراءات"[4].

 

ومن الجدير بالذكر أن الوقف يعد ظاهرة صوتية في المقام الأول؛ نظرًا لما يترتب عليه من تغيرات صوتية تطرأ على الحرف الموقوف عليه، وقد توجَّهت عناية النحويين والقراء إلى دراسة هذا الجانب، ويضاف إلى ذلك كونه أحد القرائن السياقية التي تتحدد من خلالها دلالةُ النص وفقًا لما يكون عليه التركيب، وقد عمَّق علماء القراءات دراستهم لهذا الجانب من خلال تصنيفاتهم الكثيرة التي تحمل اسم "الوقف والابتداء"[5]، حيث حاولوا فيها تحديد مواضع الوقف في القرآن الكريم، مما ترتَّب عليه تحديد دلالة النص القرآني، ومن ثم تتضح خصوبة هذه الظاهرة التي تعد أحد الأركان الرئيسية في مجال الدراسات الصوتية والدلالية.

 

أما عن سبب اختيار ابن جني لدراسة هذه الظاهرة عنده؛ فذلك لكونه متميزًا في معالجته لها؛ إذ لم يحدد بابًا يعالج من خلاله ما يتعلق بها من مسائل كما فعل أكثر اللغويين، ولكنه آثر الربط بين هذه المسائل وغيرها من قضايا اللغة، فكان تناولُه لها معالجًا لجُلِّ جوانبها، وممثلًا لفكره اللغوي، وذلك فضلًا عما عُرِف به من شخصية علمية متميزة، وآراء شُهِد لها بالجدة والعمق، ولا شك في أن هذه الشخصية المتميزة ظهرت في تحليلاته لمسائل الوقف، فجعلتها ذات طابع فريد.

 

وقد سعت هذه الدراسة إلى تحقيق بعض الأهداف، منها: دراسة ظاهرة الوقف بكل ما يتصل بها من مسائل صوتية ودلالية كما جاءت في ثنايا مصنفات ابن جني، كما حاولت التعرف على موقف ابن جني من كثير من القضايا الشائكة في تراثنا؛ مثل: القراءات الشاذة، التأصيل التاريخي للهجات العربية القديمة، الضرورة الشعرية، الإعراب، وذلك من خلال معالجته لمسائل الوقف.

 

وكذا سعت إلى الربط بين الدراسات اللغوية القديمة، ومناهج البحث اللغوي الحديث، من خلال استخدام هذه المناهج في دراسة آراء ابن جني.

 

أما عن الدراسات التي سبقت هذه الدراسة، فلم يصل إلى علمي أن أحدًا من الدارسين أفرَدَ بحثًا يتناول الوقف في تراث ابن جني، ولكن لا شك في أن الدراسات التي تعرَّضت لدراسة فكره اللغوي، وجهوده في مستويات اللغة - كثيرة[6]، ومن ذلك:

1- ابن جني اللغوي: للدكتور عبدالغفار هلال، رسالة دكتوراه، كلية اللغة العربية، جامعة الأزهر، سنة 1970م.

 

2- ابن جني النحوي: للدكتور فاضل صالح السامرائي، رسالة ماجستير، طبعت في دار النذير ببغداد، سنة 1969م.

 

3- ابن جني وجهوده في دراسة الأصوات في ضوء علم اللغة الحديث: للدكتور مصطفى محمد عويضة، رسالة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة عين شمس.

 

4- ابن جني وعلم الدلالة: للباحثة نوال كريم، رسالة ماجستير، كلية الآداب، الجامعة المستنصرية.

 

5- الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: للدكتور حسام النعيمي، نشرتها وزارة الثقافة في العراق، سنة 1980م.

 

ويلاحظ من تأمل هذه العناوين أنها تناولت السمات العامة لفكره اللغوي في مستويات اللغة المختلفة، ولكن أحدًا منها لم يركز على تناوله لأحد الظواهر اللغوية المختلفة بشكل منفرد.

 

كما أن ثمة دراسات كثيرة تعرضت لدراسة ظاهرة الوقف، فمن ذلك:

1- الوقف والوصل في العربية: د/ محمد سالم محيسن، رسالة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة القاهرة، فرع الخرطوم، طبعت بدار الجيل، بيروت، سنة 1992.

 

2- أثر الوقف على الدلالة التركيبية: د/ محمد يوسف حبلص، طبع بدار الثقافة العربية، القاهرة، سنة 1993م.

 

3- الوقف في القراءات القرآنية وأثره في الإعراب والمعنى: د/ مجدي محمد حسين، طبع بدار ابن خلدون، سنة 2002م.

 

وكما هو واضح فإن أحدًا من هذه الدراسات لم يتعرض لدراسة آراء ابن جني للقضايا الصوتية والدلالية لظاهرة الوقف خاصة، وهكذا تنفرد هذه الدراسة بتحقيق ذلك الهدف الذي أعرضت عنه الدراسات السابقة.

 

إذًا فأهمية هذه الدراسة تتمثل في أنها تسعى لتعميق دراسة آراء ابن جني من خلال تناول أحد الظواهر اللغوية الخطيرة عنده، ألا وهي ظاهرة الوقف. وقد اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفي الذي يهتم بدراسة ظاهرة معينة في حدود معينة، متجهًا إلى رصد آراء ابن جني في الوقف، ثم تحليلها في ضوء معطيات علم اللغة الحديث.

 

وتقع هذه الدراسة في مقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة، وقائمة بالمصادر والمراجع، وتفصيلها كما يلي:

المقدمة: وهي تشمل التعريف بالموضوع، أهميته، والهدف من دراسته، واستعراض الدراسات السابقة عليه، وبيان منهجه، والتعريف بفصوله.

 

الفصل الأول: الظواهر الصوتية المتصلة بالوقف في الفصحى: واهتم هذا الفصل بدراسة آراء ابن جني عن الظواهر الصوتية المتصلة بالوقف في الفصحى، وذلك من خلال ثلاثة مباحث:

أولها: يعالج مسائل الوقف بالحذف في العربية الفصحى، وهي تنقسم قسمين، الأول: حذف الحركة نحو: الوقف بحذف الحركة القصيرة، وحذف صلة ضمير الغائب المذكر، حذف ياء المنقوص، حذف الحركة الطويلة اتباعًا لخط المصحف. والآخر: حذف الصامت نحو: حذف التنوين.

 

وثانيها: عُنِي بدراسة ما يتعلق بالإبدال؛ نحو: إبدال التنوين ألفًا في حالة النصب، وإبدال تاء التأنيث المتحركة هاء.

 

أما المبحث الثالث: فيتناول الوقف بالزيادة في مسألة واحدة عالجها ابن جني، هي الوقف بزيادة هاء السكت.

 

الفصل الثاني: الظواهر الصوتية المتصلة بالوقف في اللهجات: ويعتني هذا الفصل بما ذكره ابن جني حول الظواهر الصوتية اللهجية المتصلة بالوقف، وقد جاء ذلك من خلال أربعة مباحث:

يتناول المبحث الأول منها قضايا الوقف بالزيادة، وهي: الكشكشة، والكسكسة، والتضعيف، وإشباع الحركة القصيرة عند الوقف، والروم، والإشمام.

 

أما المبحث الثاني، ففيه مسائل الإبدال؛ مثل: إبدال ألف المقصور واوًا أو ياء، وإبدال الألف همزة، وإبدال الياء جيمًا، وترك إبدال تاء التأنيث للاسم المفرد هاء.

 

ويعالج المبحث الثالث قضية الوقف بالنقل.

 

ويأتي المبحث الرابع ليتناول الوقف بالحذف في مسألة واحدة تناولها ابن جني، هي الوقف على المنصوب المنون بالسكون.

 

الفصل الثالث: الوقف والضرورة الشعرية: وقد سعى هذا الفصل إلى دراسة آراء ابن جني حول مسائل الضرورة المتصلة بالوقف، وفيه ثلاثة مباحث:

أما المبحث الأول، فعنوانه: الضرورة عند ابن جني وعلاقتها بالوقف، وقد تعرض هذا المبحث لمسألتين: الأولى: مصطلح الضرورة عند ابن جني، وتحدثت الأخرى عن العلاقة بين الوقف والضرورة.

 

ويأتي المبحث الثاني متناولًا للضرائر المتعلقة بالوقف، وقد صنفت إلى ثلاثة أنواع؛ أولها: ضرائر الحذف، وقد عرضت الدراسة من هذا النوع لعدة مسائل، هي: (تسكين الأواخر في الوصل، حذف صلة ضمير الغائب المذكر المتصل في الوصل، تقصير صلة ضمير الغائب المذكر المتصل في الوصل، حذف الواو والياء من هو وهي في الوصل).

 

وثاني هذه الأنواع: هو ضرائر الإبدال، ومنها: (إبدال الألف ياء في الوصل، إبدال الألف تاء في الوقف).

 

أما ثالثها، فضرائر الزيادة، وهي: (قطع همزة الوصل في حالة الوصل، إشباع حركة النون من (أنا) في الوصل، إجراء الوصل مجري الوقف في "مَنْ" التي تستفهم عن نكرة).

 

ويعالج المبحث الثالث وقفة الإنشاء والضرورة الشعرية، وأثرهما في سلامة الإيقاع.

 

الفصل الرابع: الوقف والقافية: ويركز هذا الفصل على تناول ابن جني لقضايا القافية من خلال مبحثين:

المبحث الأول: وهو يوضح العلاقة بين الوقف والقافية.

 

والمبحث الثاني: يستعرض بعض طرائق الوقف التي اختصت بها القوافي، لا سيما تلك التي اعتنى ابن جني بتناول قضاياها، ويمكن حصر ذلك فيما يلي:

• الوقف بإشباع حركة الروي.

• الوقف بالتضعيف مع الإطلاق.

• الوقف بالتنوين.

• الوقف بالسكون.

 

الفصل الخامس: الوقف والدلالة: لقد اقتضت طبيعة تناول ابن جني لهذا الجانب من خلال نماذج تطبيقية تمثلت في توجيهه لبعض القراءات الشاذة أن يكون هذا الفصل مكونًا من ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: يتناول بصورة نظرية طبيعة العلاقة بين الوقف والدلالة.

 

المبحث الثاني: يعرض القواعد الأساسية التي ذكرها ابن جني لتحديد مواضع الوقف.

 

المبحث الثالث: يتناول الاختلافات الدلالية للقراءات الشاذة في (المحتسب) وأثر ذلك في تحديد مواضع الوقف.

 

ثم أعقب هذه الفصول خاتمة بينت أهم النتائج التي توصَّلت إليها الدراسة، وأخيرًا تأتي قائمة المصادر والمراجع التي تضمنت المؤلَّفات التي اعتمدت عليها.

 

ولا يسعني بعد ذلك إلا أن أتقدم بخالص شكري وامتناني للعالمينِ الجليلين: الأستاذ الدكتور أحمد عبدالعزيز كشك، والأستاذ الدكتور طارق النجار، على ما قدماه من نصائح مخلصة أنارت ما أظلم، ومهدت ما توعَّر، كما يعجز لساني عن الشكر والامتنان للأستاذ إبراهيم محمود سليمان (رحمه الله)، فكم أسدى لي من أيادٍ بيضاء لا أنساها ما حييت، فسلام عليه حتى يجمعنا لقاء.

 

وبعد، فإن كان شيء من هذا البحث موفقًا فمن الله التوفيق، وأما ما فيه من زلل أو خطأ فمن نفسي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

الخاتمة:

حاولت هذه الدراسة أن تتعرف على موقف ابن جني من القضايا التي تعلَّقت بالوقف، وقد كانت هذه القضايا ذات شقين؛ أولهما: من الناحية الصوتية، وقد رصد البحث أهم التغيرات الصوتية التي تطرأ على الصوت حال الوقف مبينًا موقف ابن جني منها. والآخر: من الناحية الدلالية؛ إذ إن الوقف يمثل أحد القرائن السياقية التي يتحدد من خلالها شكلُ التركيب، ومن ثم دلالته، وبتغير موضعه يتغيران، واعتنت الدراسة في هذا الشق ببيان جهود ابن جني في تحديد مواضع الوقف للقراءات الشاذة في "المحتسب"، وأثر ذلك في الدلالة. وقد توصلت في أثناء ذلك إلى مجموعة من النتائج يمكن تلخيصها فيما يأتي:

أولا: أهم الصور للصوت الموقوف عليه أن يكون ساكنًا، ويأتي ارتباط الوقف بالسكون من أن الأول هو انقطاع الأداء النطقي بالصمت، والآخر هو انعدام الحركة التي هي دليل النشاط، وقد فطن ابن جني إلى هذه المناسبة بينهما.

 

ثانيًا: على الرغم من أن الوقف بالسكون يتفق مع الذوق العربي الذي يستحسن أن يكون المقطع الموقوف عليه مغلقًا، فإن ذلك من شأنه أن يضعف الصوت الموقوف عليه؛ إذ يفقد هذا الصوت حركته، وفقدانها في حد ذاته إضعاف له، فضلًا عما يؤدي إليه ذلك في كثير من الأحوال من نقل النبر من مقطعه إلى المقطع الذي قبله، وخفاء هذا الصوت قد يتسبب في غموض المعنى الذي تتضمنه الصيغة لفظًا وجملة؛ لذلك لجأ العربي إلى ما يظهر هذا الصوت، وقد ذكر ابن جني أنه إما أن يكون من الصوائت الطويلة أو الصوامت. فإن كان من الصوائت الطويلة فإن بيانه في الوقف إنما يكون بأن تلحقه هاء السكت؛ إذ إن هذا الصائت يزيد وضوحه إذا قدر له أن يمد، وذلك حالة إذا لحقته هاء السكت، وإذا كان الصوت الموقوف عليه صامتًا فإنه يلحقه إذا وقف عليه صويت "متمم للحرف وموفٍّ له في الوقف".

 

ثالثًا: إذا كان العربي يأبى الوقف على الحركة القصيرة، فإنه لا يرفض الوقف على الحركة الطويلة؛ فقد جاء الوقف على الحركة الطويلة في كثير من النصوص العربية لا سيما الفواصل القرآنية، نحو: (سميعًا - بصيرًا - خبيرًا... إلخ)، غير أنهم وقفوا بحذف هذه الحركات في بعض المواضع، ذكر منها ابن جني حذف الصلة للضمير الغائب المذكر، وحذف ياء المنقوص وقفًا، وحذف الحركة الطويلة اتباعًا لخط المصحف لمن وقف مضطرًّا في نحو: الوقف لضرورة انقطاع النفَس على "سندع" من قوله تعالى: ﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴾ [العلق: 18].

 

رابعًا: التنوين وهاء السكت وحدتان صوتيتان تلحقان بالكلمة، غير أن الأول يكون في الوصل، ويحذف في الوقف، على حين أن الأخرى تُحذف في الوصل وتثبت في الوقف، وقد أوضح ابن جني علة ذلك؛ إذ ذكر أن الوظيفة الصوتية هي الفصل بين المتحركات في الإدراج، فإن حذفت الحركة قبلها في الوقف استغني عنه فحذف. أما هاء السكت فتلحق لبيان حركة البناء في الوقف، وهي حركة لا ينبغي حذفها في الوقف؛ لأنها من بنية اللفظ، وكذلك لا يجوز الوقف عليها؛ إذ لا تجيز العربية الوقف على المقطع المفتوح بحركة قصيرة، فكانت هاء السكت في الوقف للمحافظة على هذه الحركة؛ لئلا يستهلكها الوقف، ولغلق المقطع المفتوح.

 

خامسًا: اختلف اللغويون في وصفهم لإنابة الفتحة الطويلة عن التنوين عند الوقف على المنصوب المنون، فقد ذهب أكثرهم إلى أن هذا يعد من قبيل الإبدال؛ إذ يكون الألف بدلًا من التنوين في الوقف في حين أن بعضهم يذكر أن هذه الألف عوض عن التنوين المحذوفة في الوقف، أما ابن جني فقد استخدم المصطلحين.

 

والذي يمكن قبوله عند تفسير هذا الأمر أنهم كانوا يقفون على المنون بحذف التنوين، ويطيلون الحركة قبله تعويضًا لهذا المحذوف، ومن المتصور أن ذلك كان يمثل مرحلة سابقة حيث كان الوقف على كل اسم منون بحركة طويلة من جنس حركة الإعراب. وقد بقي دليل على وجود هذه المرحلة هو لغة أزد السراة؛ حيث كانوا يقفون على المنوَّن بصوت مدٍّ من جنس حركته الإعرابية. ويبدو أن الألف بقيت في حين حذفت الواو والياء؛ لخفتها، وثقلهما.

 

سادسًا: مثلما حرص العرب على توضيح الصوت الموقوف عليه في الفصحى، فقد شهدت اللهجات العربية طرائق كثيرة لجؤوا إليها لمثل ذلك، فمنهم من كان يقف بالتضعيف، أو بالنقل، أو بإشباع الصوت الموقوف عليه، إلى غير ذلك. ولا ينكَر أن بعضهم لم يشغله ذلك الأمر، بل كانوا يتعجلون نهاية الكلمة، ويسرعون في النطق بآخرها ولا يعنون بتمامها، ولا يحفلون بسقوط بعض أجزائها، ومثل هؤلاء قبيلة ربيعة؛ حيث كانت تقف بالسكون على الاسم المنون أيًّا كانت حركته، غير أن هولاء قليلون بالقياس إلى من سبقهم.

 

سابعًا: يذكر اللغويون أن للكشكشة صورتين؛ أحدهما: إلحاق كاف المخاطبة شينًا في الوقف، والأخرى: إبدالها في الوقف شينًا. ولم يغفل ابن جني عن ذكر هاتين الصورتين، ويبدو لي في تفسير هذا الأمر أن مصطلح الكشكشة وُضع أولًا للدلالة على إلحاقهم الشين بكاف المخاطبة في الوقف، وذلك يتضح مما تدل عليه صيغة هذا المصطلح، ثم إنهم وجدوا تشابهًا بين هذه الظاهرة وظاهرة أخرى، هي إبدال بعض العرب من الكاف المكسورة شينًا، فألحقوا هذا الإبدال بالكشكشة حتى استخدم عند بعضهم للدلالة على الأمرين.

 

ويرجح الباحث أن يكون أصل تلك الشين التي تلحق بكاف المخاطبة على نحو ما جاء في هذه الظاهرة هو كسرة الكاف، غير أنها تعرَّضت للرَّوم عند الوقف عليها بدلًا من حذفها؛ وذلك تمييزًا لها عن كاف المخاطب، "والحركة في الرَّوم أو الاختلاس تكون أقصر زمنًا، كما تفقد عنصر الجهر بسبب إضعاف الصوت بها، مثلما يحدث في حالة الإسرار أو الوشوشة"، والكسرة إذا ما فقدت عنصر الجهر تحوَّلت إلى صوت يشبه إلى حد بعيد صوت الشين، ولكنها على هذا الوصف تكون من الخفوت والضعف بحيث لا يلاحظها إلا المتأمل.

 

ثامنًا: الوقف بالتضعيف أحد هذه الطرائق التي تظهر الصوت الذي يخفيه الوقف؛ إذ هو صوت صامت يتبعه صويت في الوقف، وليس المقصود به تضعيف الحرف، وإنما هو شبيه بقلقلة بطيئة للحرف الموقوف عليه، وهو يلاحظ في يومنا هذا في إلقاء الإملاء على التلاميذ، وفي كلام المحاضرين المتأنين والمتأنقين، ويلاحظ في وقف الدكتور طه حسين على جمل كلامه حين يحاضر، فهو يجعل تشديد الحرف الأخير المسكن للوقف وسيلة من وسائل الإبداع السمعي لإرادة التأكيد أو أي معني آخر مناسب.

 

تاسعًا: يفرق ابن جني بين الروم والاختلاس؛ حيث يري أن روم الحركة يكون بإنشاء بعض الحركات للحرف الساكن؛ إذ يكون الروم في الوقف، أما الاختلاس فهو ينقص من الحركة التامة رغبة في الإسراع في القول، وأضاف علماء التجويد أن الروم أخص من كونه لا يكون في الفتح والنصب، ويكون في الوقف دون الوصل، والثابت من الحركة أقل من المحذوف، والاختلاس أعم من كونه يتناول الحركات الثلاثة، ولا يختص الآخِر، والثابت من الحركة أكثر من المحذوف، وذلك أن تأتي بثلثيه، كأن الذي تحذفه أقل مما تأتي به، وهذا لا تحكمه إلا المشافهة، وحدَّدوا الباقي من الحركة مع الروم بثلثها.

 

عاشرًا: يرجح في تفسير الروم والإشمام أنهما ظاهرتان استخدمهما بعض المتفصحين ممن ضنوا على العلامة الإعرابية أن يستهلكها الوقف، فحاولوا بيانها مع عدم المساس بنظام العربية الذي يكره الوقوف على متحرك، فجاؤوا بهما للإشارة إلى الحركة ما هي، من غير أن يثبتوها في نطقهم إثباتًا صريحًا، ومن ثم فيمكننا بناءً على هذا الرأي أن ندرجهما تحت ما يسمي بالحذلقة.

 

حادي عشر: بدا ابن جني متناقضًا؛ فهو في (الخصائص) يري أن الأصل الذي تطورت عنه الكلمات لم يوجد في العربية يومًا ما، وقد ذهب ابن جني في كتابه (سر صناعة الإعراب) مذهبًا آخر؛ إذ اعترف بأن الظاهرة اللغوية القديمة قد تبقى منها أمثلة تُعين على معرفة الأصل؛ فقد استدل أهل التصريف على أصول الأشياء المغيرة، كما استدلوا بقوله عز اسمه: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ﴾ [المجادلة: 19] على أن أصل استقام: استقوم، وأصل استباع: استبيع، ولولا ما ظهر من هذا ونحوه، لما أقدموا على القضاء بأصول هذه الأشياء، ولا ما جاز ادعاؤهم إياها.

 

ثاني عشر: يقف أكثر العرب على المقطع المفتوح بحركة طويلة دون تغيير، ويوضح ذلك انتهاء بعض الفواصل القرآنية بمقاطع مفتوحة بحركة طويلة؛ نحو: (غفورا، رحيما، بصيرا.... )، ولكن بعض العرب يرفضون ذلك فيغلقون هذا المقطع المحذوف عند الوقف، فيسلكون إلى هذا أحد سبيلين: أما الحضر أمثال الحجازيين، فكانوا يغلقون المقطع المفتوح بحركة طويلة عند الوقف بهاء السكت، وذلك نحو قولهم في الندبة حال الوقف: (واعمراه، واجعفراه)، فإذا وصل المتكلم منهم أسقط هذه الهاء. على حين أن البدو كان يغلقون هذا المقطع بالهمز، فيقولون في الوقف: رجلأ، وحبلأ، ويضربهأ، ونحو ذلك.

 

ثالث عشر: يمكن أن تفسير منهج اللغة النموذجية وطريقة طيئ في الوقف بإبدال تاء جمع المؤنث السالم هاء عند الوقف بتفسير واحد، وهو المخالفة بين أدني العدد وجمعه، حيث رأينا أن جمهور العرب الذين يقفون على المفرد بالهاء يقفون على جمعه السالم بالتاء، وأن الطائيين أصحاب اللغة المرجوحة وقفوا على المفرد بالتاء المبسوطة، وعندما أرادوا الوقف على الجمع صاروا إلى الهاء مخالفة للمفرد في لهجتهم.

 

رابع عشر: اضطرب مصطلح الضرورة الشعرية عند النحاة، بحيث لم يكن صالحًا لحصر ما تتميز به لغة الشعر عن لغة النثر، حيث إن كثيرًا مما أطلقوا عليه اسم الضرورة له نظائر في لغة النثر. وسبب ذلك عدم فصلهم بين الشعر والنثر عند التقعيد، فظهر لهم في لغة الشعر كثيرًا من الظواهر التي تخرج عما وضعوه من قواعد أرادوا لها الاطراد، فكانت هذه الظواهر ما أطلقوا عليه (الضرورة الشعرية)، فضلا عن أنهم لم يفصلوا بين الفصحى واللهجات عند استقراء اللغة والتقعيد لها، وقد ترتَّب ذلك أنه ظهر في الشعر كثير من الظواهر التي توافق لهجات العرب، وفي الوقت نفسه فإنها لا تتفق والقاعدة النحوية، فأدخلوا كثيرًا من ذلك في باب الضرورة الشعرية؛ فاضطرب هذا المصطلح عندهم.

 

خامس عشر: لا يعد ابنُ جني مرتكبَ الضرورة عاجزًا عن الأداء السليم ولا ضعيف الموهبة، وإنما جعل ذلك منه دليلًا على شجاعته، وفيض مُنَّتِه، وقوة طبعه؛ فالشاعر يلجأ إلى الضرورة عامدًا أو أنه يسعى لأن تكون موجودة في شعره، كما يعمد شاعر الصنعة إلى تزيين شعره بالمحسنات البديعية، وإنما ألجأه إلى إبقائها قوة طبعه، التي معها لا يدري بارتكابه إياها أثناء النظم، فإنْ علمها بعد ذلك لا يعود إليها؛ لأن ما قاله عبَّر عما أراده وأَمِنَ معه اللبس، غير أن ذلك لا يرفع من قدر الضرورة نفسها، ولا من شأن من يتعمد اختيارها. وواضح أن حديث الضرورة يتخذ عند ابن جني بعدًا يكاد يكون جديدًا، فهو اعتراف بحق الشاعر في أن يكون له لغته الخاصة، وبأن الشعر يمثل بالفعل هذا المستوى من اللغة.

 

سادس عشر: يؤخذ على ابن جني وصف القراء بالغفلة على حين نعتهم بالأمانة، وفي ذلك طعن لهم؛ إذ إن ضعف ضبط الراوي جدير بأن يردَّ روايته، لا سيما إذا كان المروي هو القرآن الكريم. ولم يكتف بذلك بل نجده يعقد مقارنة بين سيبويه ورواية أبي عمرو، يصل في نهايتها إلى نتيجة خطيرة، وهي أن سيبويه أحق أن يُتبع فيما يختص بتلك الرواية.

 

سابع عشر: لقد أدى القياس بابن جني إلى عدم جواز تسكين المفتوح لعلة أن التسكين إنما يكون للتخفيف، والفتحة خفيفة، فلا داعي إلى تخفيفها، فحكم على شواهد كثيرة من القراءات والشعر بالشذوذ والضرورة لمخالفتها القياس، ناسيًا ما أقَرَّه من تقديم السماع على القياس. والحقيقة أن إصرار ابن جني على رفض تسكين المفتوح لا داعي له، خصوصًا مع كثرة الشواهد التي جاءت على ذلك في القراءات القرآنية التي أوردها، ولكنه رفضها جميعًا مضحيًا بالواقع اللغوي من أجل القياس.

 

ثامن عشر: كان من المنتظر أن يقدِّم ابن جني تفسيرًا صوتيًّا لتسكين ضمير الغائب المذكر المتصل في الوصل، وذلك بعد أن أصاب الحق في توجيهها على أنها لغة لا ضرورة، ولكنه لم يقدم ذلك فيما وصل إلينا من نصوصه. وما أراه مقبولًا لهذه الظاهرة، ولغيرها من مسائل الحذف في اللهجات العربية المنسوبة إلى البدو، وهو أنهم يتعجلون نهاية الكلمة ويسرعون في النطق بآخرها، وهذه من ممارسات البدو؛ ولهذا سقط الصوت المتصل بالضمير لهو ثم سكن، فصارت في لهجتهم (لهْ).

 

تاسع عشر: إن الشاعر إذ يقطع همزة الوصل في حشو الكلام، فإن ذلك يشعر بنوع خاص من التأكيد، ولعل هذا يدل على أن الشعراء حينما يرتكبون بعض ما يعده النحاة ضرورةً إنما يريغون إلى معانٍ خفية في نفوسهم لا يمكن تلمُّسُها في ظل قواعد النحاة؛ ولهذا يجب أن يدرس الشعر دراسة خاصة.

 

عشرين: على الرغم من أن ابن جني لم يقدِّم تفسيرًا خاصًّا لإشباع حركة النون من (أنا) في حالة الوصل، فإنه لم يغب عنه أن الإشباع الذي لا يؤدي إلى تغيير حكم إعرابيٍّ في الأفعال والأسماء يخضع لقوة النبر بغرض التركيز والضغط على معنى معين، فيتولد عن الحركة المنبورة حركة طويلة من جنسها، فهو إذًا من نبر السياق أو النبر الدلالي، ودليل ذلك ما ذكر عند توجيه قراءة الأعرج وغيره: (يا حسرهْ على العباد) بتسكين الهاء في (حسرة)، فقد أكثر ابن جني من الأمثلة التي توضح أن إشباع الحركة أو الصوت الساكن في النطق إنما يكون للتركيز على معنى معين، ثم ذكر أن ذلك علة تسكينهم هاء (حسرة) ووقوفهم عليها مع أنها ليست موضع وقف.

 

حادي وعشرين: أدرك ابن جني القيمة الإيقاعية لوقفات المنشدين من حيث كونها تميز التفعيلات بإحداثها عند مقاطعها. وفي تصوري أنه لا يرى هذه الوقفات مقصورة على نهاية التفعيلات، بل هي تميز كذلك الوحدات المكونة للتفعيلة من سبب ثقيل أو خفيف، ووتد مجموع أو مفروق، وذلك بدليل قوله: (إن الوقوف على مقاطع الأجزاء يكون أبيَنَ وأوضح)، فذلك يعني أن ثمة وقفات أخفى قد يقفها المنشد بين أجزاء التفعيلة الواحدة. ليس ذلك فحسب، بل إنه يذكر أن مقدار هذه الوقفات ومداها متروكٌ لعادة المنشد.

 

ثاني وعشرين: فصل ابن جني القول في التعارض بين صحة الإيقاع وصحة اللغة، وذلك في حديث عن التردد بين قبول الصحة اللغوية في مقابل الصحة الإيقاعية، فهو يضع التعارض بين الصحتين موضعه المناسب، فالصواب الإيقاعي مطلب لو كان الصواب اللغوي مسلمًا إلى صياغته، وقد يقبل ترخص مقبول في حد الإيقاع إذا كان هذا القبول مسلمًا إلى الصحتين اللغوية والإيقاعية؛ إذ يقبل ارتكاب الشاعر للزحاف على قبحه من أجل تحقُّق الصحة الإعرابية، ومع ذلك يظهر تردُّدُه في استساغة ذلك عندما وصف من يرتضون ذلك (بالجفاة الفصحاء)، مما يوحي بأن قبوله ابتعاد عن الإبداع الموسيقي الذي يوصف من يحرص عليه بالرِّقة لا الجفاء.

 

ثالث وعشرين: تميز ابن جني عن غيره من اللغويين في معالجته لأحكام الوقف الخاصة بالقوافي؛ حيث إنه كان مدركًا لما تتميز به القوافي من أحكام تجعلها مختلفة عن الكلام العادي عند الوقف، وقد عبر عن ذلك إذ يذكر أن العرب قد تقف على العَروض نحوًا من وقوفها على الضرب؛ أي مخالفة ذلك لوقف الكلام المنثور غير الموزون. على الرغم من اشتراك العروض مع الضرب في كثير من أحكام الوقف التي يتميزان بها عن الوقف على الكلام المنثور، فابن جني يرى أن العروض وإن كان موضعًا للوقف عند الإنشاد، فالشاعر يتخفف عند الوقف عليه من كثير من القيود الفنية التي يجد نفسه مضطرًّا إلى التزامها عند وقفة الضرب على طول القصيدة، فلا يجوز له أن يقف بالسكون في مواضع، وبإشباع حركة حرف الروي في مواضع أخرى.

 

رابع وعشرين: من الضروري أن يتخلل هذا الكلام المتصل وقفات تقسمه إلى وحدات تركيبية، وحتى لا يلتبس المعنى أو تتحور الدلالة؛ يجب أن تكون هذه الوقفات قائمة على أساس واضح، وهو أن يكون كل وقف على كلام مستوفٍ لعناصره، وفي العربية كثير من هذه العناصر المتلازمة التي لا يجوز الفصل بينها بأن يوقف على جزء منها دون الآخر؛ كالمضاف والمضاف إليه، والمتبوع وتابعه، والفعل وفاعله، والمبتدأ وخبره، وغير ذلك، ويتضح من ذلك أن ثمة علاقة قوية تربط بين الوقف والدلالة؛ إذ إن تحديد مواضع الوقف في الكلام من شأنه أن يحدد أشكال التراكيب ومن ثم دلالتها، فإذا ما اختلف موضع الوقف، يختلف بالضرورة شكل التركيب، فيترتب على ذلك اختلاف دلالة هذا التركيب.

 

خامس وعشرين: اختلاف القراءات القرآنية، سواء أكان باختلاف الحركات أم باختلاف صور الحروف، أم بالزيادة والحذف، أم بالتقديم والتأخير - يؤدي في غالب الأمر إلى اختلاف شكل التركيب؛ مما يترتب عليه اختلاف الدلالة، ولا شك في أن ذلك من شأنه أن يغير مواضع الوقف.

 

سادس وعشرين: قام ابن جني بدور اللغوي الذي يحاول التوصل إلى الدلالات الصحيحة لتراكيب النصوص التي يقوم بدراستها من خلال تحليلاته للجوانب الصوتية، والصرفية، والنحوية، والمعجمية، وهو عندئذٍ ليس مجرد متلقٍّ لهذه النصوص، بل يكون بمثابة حلقة الوصل بين المرسل والمستقبل، فهو إذ يحاول فهم تلك النصوص مستقبلٌ لها، فإذا ما حلَّلها وفسَّرها وأراد توضيح ذلك لمن يستقبل فهو أقرب إلى موقف الإرسال، وهو عندئذٍ يحدِّد شكل التركيب ودلالته للنصوص التي يقوم بتحليلها، فيترتب على ذلك تحديد مواضع الوقف فيها؛ بحيث يكون ذلك قرينة يستعين بها المتلقي على فهم المراد، فضلًا عن كون ذلك مساعدًا له على أداء نطقي صحيح.

 

سابع وعشرين: لم يغفل ابن جني عن ذكر كثير من المتلازمات التي لا يجوز الوقف على جزء منها دون الآخر، ولم يقف عند مستوى التنظير، بل كانت هذه القواعد أساسًا قام عليه عمله في تحديد مواضع الوقف عند توجيهه للقراءات الشاذة في المحتسب.

 

ثامن وعشرين: إن كم الاختلافات الواقعة في القراءات القرآنية كبير، وشامل لكثير من صور الاختلاف، لا سيما القراءات الشاذة؛ إذ لا يتقيد بشرط موافقة خط المصحف العثماني كما هو الحال في القراءات الشاذة، وقد قام ابن جني في "المحتسب" بعمل تطبيقي، هو تحديده لمواضع الوقف لبعضها؛ إذ إنه من المعلوم أن اختلاف القراءة من حيث الأصوات، أو البنية الصرفية، أو التراكيب يؤدي إلى اختلاف في الدلالة، مما يكون له أثر واضح في تحديد موضع الوقف.

 

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

مقدمة البحث

1

الفصل الأول: الظواهر الصوتية المتصلة بالوقف في الفصحى

7

تمهيد

8

المبحث الأول: الوقف بالحذف

12

أولًا: الوقف بحذف الحركة القصيرة

12

الوقف والسكون:

15

طرائق إظهار الصوت الموقوف عليه بالسكون

18

الوقف على الأصوات الشديدة

24

القلقلة:

24

الوقف على الأصوات الرخوة

32

الوقف على الأصوات البينية

33

ثانيًا: حذف الحركة الطويلة عند الوقف

41

حذف صلة ضمير الغائب المذكر

41

الوقف على الاسم المنقوص

47

المنقوص المنون

48

المنقوص غير المنون

50

حذف الحركة الطويلة في الوقف اتباعًا لخط المصحف

52

ثالثًا: الوقف بحذف صامت. حذف التنوين

55

المبحث الثاني: الوقف بالإبدال

66

أولا: إبدال التنوين ألفًا

66

ثانيًا إبدال تاء التأنيث هاءً

79

المبحث الثالث: الوقف بالزيادة

89

الوقف بزيادة هاء السكت

89

الفصل الثاني: الظواهر الصوتية المتصلة بالوقف في اللهجات

103

تمهيد

104

المبحث الأول: الوقف بالزيادة

الوقف

107

أولًا: الوقف بزيادة صامت

107

الكشكشة والكسكسة

107

أولًا: الكشكشة

109

ثانيًا: الكسكسة

117

الوقف بالتضعيف

120

ثانيًا: الوقف بزيادة حركة

130

إشباع الحركات القصيرة عند الوقف

130

بقاء بعض الحركة: (الوقف بالروم)

133

الإشارة إلى الحركة. (الوقف بالإشمام)

139

المبحث الثاني: الوقف بالإبدال

148

إبدال ألف المقصور واوًا أو ياءً في الوقف

148

إبدال الألف همزة

158

إبدال الياء جيمًا

162

ترك إبدال تاء التأنيث للاسم المفرد هاء

168

إبدال تاء جمع المؤنث السالم هاء عند الوقف

175

المبحث الثالث الوقف بالنقل

180

المبحث الرابع الوقف بالحذف

192

الوقف على المنصوب المنون بالسكون

192

الفصل الثالث: الوقف والضرورة الشعرية

197

المبحث الأول الضرورة عند ابن جني وعلاقتها بالوقف

198

مصطلح الضرورة عند ابن جني

198

العلاقة بين الوقف والضرورة

210

المبحث الثاني الضرائر المتعلقة بالوقف

214

أولًا: ضرائر الحذف

214

تسكين الأواخر في الوصل

214

حذف صلة ضمير الغائب المذكر المتصل في الوصل

240

تقصير صلة ضمير الغائب المذكر المتصل في الوصل

247

حذف الواو والياء من هو وهي في الوصل

255

ثانيًا: ضرائر الإبدال

262

إبدال الألف ياء في الوصل

262

إبدال الألف تاء في الوقف

266

ثالثًا: ضرائر الزيادة

272

قطع همزة الوصل في حالة الوصل

272

أولًا: قطع همزة الوصل في ضرورة الشعر

275

ثانيا: قطع همزة الوصل في غير لغة الشعر

280

إشباع حركة النون من (أنا) في الوصل

283

إجراء الوصل مجرى الوقف في "من" التي تستفهم عن نكرة

290

المبحث الثالث: وقفة الإنشاء والضرورة الشعرية، وأثرهما في سلامة الإيقاع

296

الفصل الرابع: الوقف والقافية

308

المبحث الأول: العلاقة بين الوقف والقافية

309

المبحث الثاني: طرائق الوقف على القافية

323

الوقف بإشباع حركة الروي

323

الوقف بالتضعيف مع الإطلاق

334

الوقف بالتنوين

343

الوقف بالسكون

351

الفصل الخامس: الوقف والدلالة

359

تمهيد: الوقف والدلالة:

360

المبحث الأول: العلاقة بين الوقف والدلالة

362

علاقة الجانب الدلالي للوقف بالقرآن الكريم

370

المبحث الثاني: تحديد مواضع الوقف وأثره في الدلالة

377

المبحث الثالث

391

الاختلافات الدلالية للقراءات الشاذة وأثرها في تحديد مواضع الوقف

391

أثر اختلاف الإعراب في تحديد موضع الوقف

394

أثر التغاير التصريفي في تحديد موضع الوقف

408

تغير حروف المعاني وأثر ذلك في تحديد موضع الوقف

415

الخاتمة

425

قائمة المصادر والمراجع

435

 



[1] يُقْصَد بالنحو هنا مفهومه الواسع الذي يشمل النحو والصرف.

[2] الاقتراح؛ للسيوطي ص 51.

[3] منجد المقرئين ومرشد الطالبين؛ لابن الجزري ص4

[4] الإتقان في علوم اللغة؛ للسيوطي 1/ 87.

[5] من ذلك على سبيل المثال: (إيضاح الوقف والابتداء؛ لابن الأنباري)، (القطع والائتناف؛ لأبي جعفر النحاس)، (المكتفى في الوقف والابتدا؛ للداني)، (كتاب الوقف والابتداء؛ للسجاوندي)، (منار الهدى في الوقف والابتدا؛ للأشموني).

[6] للتعرف على مزيد من الدراسات، ينظر: أضواء على آثار ابن جني د/ غنيم الينبعاوي ص 11 وما بعدها.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • من أقسام الوقف : الوقف الاختياري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقسام الوقف : الوقف الاختباري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بلاغة الوقف في القرآن الكريم: دراسة تحليلية لبعض وقوف التعانق في آي الذكر الحكيم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشواهد النحوية والتصريفية في كتاب إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر ابن الأنباري ت (328هـ) دراسة وتقويما(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الوقف الاضطراري والانتظاري في التلاوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشراكة في عقار وقفي(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • توحيد الأوقاف المتعددة في وقف واحد ذي ريع أكبر(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الوقف في الإسلام: مجالاته وأهدافه وحمايته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع أو استبدال الوقف غير المنقول إذا تعطلت منافعه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف على المد المتصل(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب